صيد الخاطر
لإبن الجوزي
نبذة عن حياة الكاتب :ابن
الجوزي، هو أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد القرشي التيمي
البكري. فقيه حنبلي محدث ومؤرخ ومتكلم (510هـ/1116م – 12 رمضان 592 هـ) ولد
وتوفي في بغداد. حظي بشهرة واسعة، ومكانة كبيرة في الخطابة والوعظ
والتصنيف، كما برز في كثير من العلوم والفنون. يعود نسبه إلى محمد بن أبي
بكر الصديق.
عرف بابن الجوزي لشجرة جوز كانت في داره بواسط، ولم تكن بالبلدة شجرة جوز سواها.
كان أهله تجارا في النحاس.
توفي والده علي بن محمد وله من العمر ثلاث سنين، على الرغم من فراق والده
في طفولته فقد ساعده في توجهه إلى طلب العلم وتفرغه لذلك ثروة أبيه الموسر،
فقد ترك له من الأموال الشيء الكثير.
عاش ابن الجوزي منذ طفولته
ورعا زاهدا، لا يحب مخالطة الناس خوفا من ضياع الوقت، ووقوع الهفوات، فصان
بذلك نفسه وروحه ووقته، فقال فيه الإمام ابن كثير عند ترجمته له “وكان
-وهو صبي- دينا منجمعا على نفسه لا يخالط أحدا ولا يأكل ما فيه شبهة، ولا
يخرج من بيته إلا للجمعة.
كان له دور كبير ومشاركة
فعالة في الخدمات الاجتماعية، وقد بنى مدرسة بدرب دينار وأسس فيها مكتبة
كبيرة ووقف عليها كتبه وكان يدرس أيضا بعدة مدارس، ببغداد.
تميز ابن الجوزي بغزارة
إنتاجه وكثرة مصنفاته التي بلغت نحو ثلاثمائة مصنف شملت الكثير من العلوم
والفنون، فهو أحد العلماء المكثرين في التصنيف في التفسير والحديث والتاريخ
واللغة والطب والفقه والمواعظ وغيرها من العلوم، ومن أشهر تلك المصنفات :
صيد الخاطر، تلبيس إبليس، ذم الهوى، صفة الصفوة، تاريخ بيت المقدس وغيرها .
(نقلا عن ويكيبيديا )
ماذا يطرح الكتاب ؟
مؤلف من400 صفحة، وقد يصل إلى أكثر من ذلك في بعض الطبعات القديمة. وكتاب
صيد الخاطر هو كتاب جليل، عداده في ذخائر العرب، ألفه ابن الجوزي بعدما دخل
في السن العالية. وقد جمع ابن الجوزي فيه أعمق ملاحظاته عن النفس والحياة،
من خلال مختلف نشاطاته الفكرية التي كان يمارسها، وضمّنه الكثير من
ذكرياته، ومؤاخذاته لعلماء عصره، واتخذ من بعض هذه الخواطر مدخلاً لجمع ما
يتصل بها من نوادر الأخبار، وجعل بعضها سجلاً لذكرياته.
إقتباسات من الكتاب :
* فليسفي
الدنيا أطيب عيشا من منفرد عن العالم بالعلم، فهو أنيسه وجليسه، قد قنع
بما سلم به دينه من المباحات الحاصلة، لا عن تكلف ولا تضييع دين، وارتدى
بالعز عن الذل للدنيا وأهلها، والتحف بالقناعة باليسير، إذا لم يقدر على
الكثير بهذا الاستعفاف يسلم دينه ودنياه، واشتغاله بالعلم يدله على الفضائل
ويفرجه عن البساتين، فهو يسلم من الشيطان والسلطان والعوام بالعزلة، ولكن
لا يصلح هذا إلا للعالم، فإنه إذا اعتزل الجاهل فاته العلم فتخبط.
* كنت في
زمان الصبا آخذ معي أرغفة يابسة فأخرج في طلب الحديث، وأقعد على نهر عيسى،
فلا أقدر على أكلها إلا عند الماء، فكلما أكلت لقمة شربت عليها شربة، وعين
همتي لا ترى إلا لذة تحصيل العلم.
* إنه بقدر إجلالكم لله – عز وجل – يجلكم وبمقدار تعظيم قدره واحترامه يعظم أقداركم، وحرمتكم
ولقد
رأيت – والله – من أنفق عمره في العلم إلى أن كبرت سنه، ثم تعدى الحدود؛
فهان عند الخلق، وكانوا لا يلتفتون إليه مع غزارة علمه، وقوة مجاهدته.
* في قوة
قُهِر الهوى لذة تزيد على كل لذة؛ ألا ترى إلى كل مغلوب بالهوى كيف يكون
ذليلاً؛ لأنه قُهِرَ، بخلاف غالب الهوى؛ فإنه يكون قوي القلب عزيزاً؛ لأنه
قَهَر.
*من تفكر في عواقب الدنيا أخذ الحذر، ومن أيقن بطول الطريق تأهب للسفر.
* من المخاطراتِ العظيمةِ تحديثُ العوامِّ بما لا تَحتمِلُهُ قلوبُهم، أَو بِما قد رَسَخَ في نفوسِهِم ضدُّه.
* من
اقتصر على ما يعلمه، فظنه كافيا استبد برأيه، وصار تعظيمه لنفسه مانعاً له
من الاستفادة. والمذاكرة تبين له خطأه، وربما كان معظما في النفوس فلم
يتجاسر على الرد عليه، ولو أنه أظهر الاستفادة لأهديت إليه مساويه،فعاد عنها.
* حقيقة الدعاء
: إذا وقعت في محنة يصعب الخلاص منها فليس لك إلاّ الدعاء واللجأ الى الله
بعد ان تقدم التوبة من الذنوب. فإن الزلل يوجب العقوبة فإذا زال الزلل
بالتوبة من الذنوب ارتفع السبب .
فإذا ثبت ودعوت ولم تر للإجابة أثراً فتقد امرك, فربما كانت التوبة ما صحّت فصححها ثم ادع ولا تمل من الدعاء .
فربما كانت المصلحة
في تأخير الإجابة . وربما لم تكن المصلحة في الإجابة , فأنت تثاب وتجاب
الى منافعك. ومن منافعك ان لا تعطي ما طلبت بل تٌعوَض غيره.
فإذا جاء إبليس فقال كم تدعوه ولا ترى إجابة . فقل: انا اتعبد بالدعاء . وانا موقن ان الجواب حاصل.
غير انه ربما كان تأخيره لبعض المصالح فهو يجيء في وقت مناسب, ولو لم يحصل حصل التعبد والذل.
فإيَاك ان تسأل الاَ وتقرنه بسؤال الخيرة . فرب مطلوب من الدنيا كان حصوله سبباً للهلاك .
وإذا كنت قد أمرت
بالمشاورة في امور الدنيا ليبين صاحبك لك في بعض الآراء ما يعجز رأيك عنه
,وترى ان ما وقع لك لا يصلح فكيف لا تسأل الخير ربك وهو اعلم المصالح ؟
والاستخارة من حسن المشاورة .
0 التعليقات:
إرسال تعليق
قال تعالى( مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )صدق الله العظيم
تعليقاتكم تهمنا وتزيد من عطائنا